بقلم: سليم بوخذير
سقوط مدوٍّ لنشرة الأنباء الرئيسية مساء اليوم على القناة الوطنية الأولى في منعطف اللامهنيّة بل والبروباغندا الفجّة..
قرأت ما كتبه عديد المنتقدين للنشرة هذا المساء.. ولكن لم أشاهد النشرة لأعطي انطباعي سوى الآن على يوتوب..
حقا عادت النشرة لسبيل آخر غير سبيل أن تكون نموذجا نيّرا لإعلام عمومي وطني موضوعي يتخذ المسافة نفسها بين جميع الروايات والمصادر ويتحقق.. السبيل الذي عادت إليه النشرة الليلة هو سبيل أن تكون نموذجا سيئًا لإعلام حكومي ببّغائي تحت شعار: “تمام يا فندم”.
أطلق الزملاء في النشرة على الأحداث المتعددة عبارة “كر وفر” واستعمال هذه العبارة غير مهني البتة.. ف”الكر والفر” هو مصطلح حربي أساسا ويستعمل حين ننقل أحداث حرب بين جيشين ولا يستقيم استعماله في تغطية مواجهات بين مدنيين وقوات الأمن..
كما لم تغطّ النشرة الأحداث مباشرة ولم يسند تقريرها المعلومات الواردة فيه إلى مصادر متعددة أي أن النشرة لم تقم بأحد أساسيات العمل الصحفي وهو التحقيق..
وجمعت النشرة كل الاحتجاجات تحت تسمية واحدة وهي “أعمال شغب” وكر وفر”، وكأن كل الاحتجاجات التي جرت في أنحاء عدة من تونس الأيام الماضية كانت كلها بغرض السرقة، بل إن مصطلح “احتجاجات” حرّمت النشرة على نفسها ذكره، إلى درجة أن الزميل الطيب بوزيد استحى من ذكره عند محاورته لضيفه في الأستوديو وذكر العبارة ثم تراجع وقال “إن وجدت”.
ماذا نسمي احتجاجات أهالي سليانة مساء الجمعة 15 جانفي الجاري إذن على اعتداء عون أمن على الراعي على سبيل المثال؟ هل كانت أحداث من أجل السرقة أم كانت احتجاجات على الاعتداء على الراعي؟
كان على النشرة أن تتقيد بالمعايير المهنية التي تنقل الأحداث كما هي وتنقل جميع الروايات المتناقضة وتحقق فيها..
تنقل جانب وقائع النهب والسلب التي جرت وتنقل أيضا تظاهرات الاحتجاج الليلي وتحقق في أسبابها وتصور تفاصيلها كما هي تماما مثلما تقتضيه معاييرنا المهنية التي تُوجِب التغطية المباشرة على عين المكان دون وساطات مادام للنشرة طاقم كبير من المراسلين..
التحلي بمعايير المهنة يجعلنا دائما أوفياء لدورنا كصحفيين.. فنحن لسنا طرفا في أي معركة نحن أهل الحقيقة والتدقيق والتحقيق ولسنا أهل “التبويق”!
* الصحفي: سليم بوخذير- رئيس تحرير موقع “الكاميرا والقلم”