نزيهة التواتي حمزة
من المنتظر ان يكون غدا الخميس 10 فيفري 2022، خميس الحسم في ليبيا لاختيار خلفا لعبد الحميد دبيبة على رأس الحكومة الليبية الجديدة، حسب ما أعلنه الاثنين الماضي رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، والذي أكد في كلمته، أن البرلمان سيصوت لأحد المترشحين، وهما وزير الداخلية في حكومة الوفاق السابقة فتحي باشاغا والوزير المفاوض لدى سفارة ليبيا بالمغرب خالد عامر البيباص، على اعتبار أنهما الوحيدان اللذان استوفيا شروط الترشح.
جلسة حاسمة في طبرق وتهديد إخواني من طرابلس
وجلسة الغد التي ستعقد بطبرق شرق ليبيا، هي أحد بنود مشروع لجنة خريطة الطريق التي شكلها البرلمان في جانفي الماضي، والتي قامت بجملة من اللقاءات مع القوى السياسية، من أجل التوصل لصيغة تفاهم والخروج من حالة الانسداد السياسي الذي تعيشه ليبيا، على شكل خريطة طريق.
ويمثل مشروعها الخطوط العريضة للمرحلة الانتقالية الجديدة، وصولا إلى إجراء الانتخابات الرئاسية التي تعذر إجراؤها في ديسمبر الماضي.
ونصّت المادة الأولى من هذا المشروع على “اعتماد خريطة الطريق المقدمة من اللجنة المشكلة من مجلس النواب الليبي بحيث يجرى الاستحقاق الانتخابي في مدة لا تتجاوز 14 شهرا من تعديل الإعلان الدستوري”.
وجاء في المادة الثانية أنه “على اللجنة المشار إليها في المادة الأولى التشاور مع لجنة مجلس الدولة لتقديم الصيغة النهائية بشأن التعديل الدستوري، متضمنا تحديدا دقيقا للمدد المطلوبة للاستحقاق الانتخابي، في مدة لا تتجاوز الزمن المحدد في المادة السابقة، وذلك للتصويت عليها في أجل لا يزيد على أسبوع بالتزامن مع منح الثقة للحكومة الجديدة”.
أما المادة الثالثة فتنصّ على أنه “بعد الاستماع لمشاريع المترشحين لرئاسة الحكومة، تحال الأسماء إلى مجلس الدولة لتقديم التزكيات المطلوبة بشأنهم، على أن يكون التصويت في جلسة الخميس الموافق 10 فيفري الجاري”.
وأخيرا المادة الرابعة وجاء بها “على لجنة خريطة الطريق تقديم تقريرها النهائي وذلك في مدة شهر من تاريخ اليوم”.
لكن هذا المشروع لقي بالرفض من قبل المجلس الأعلى للدولة الذي يسيطر عليه تنظيم الإخوان في ليبيا، وهو هيئة استشارية مقرها العاصمة طرابلس.
ووصف المجلس المذكور هذه الخطوة بأنها “سير مجلس النواب الليبي في مسار تغيير السلطة التنفيذية فقط”، داعيا إلى الحسم في المسار الدستوري أولا.
كما اعتبر أن مجلس النواب -المنعقد في طبرق شرقي ليبيا- تجاوز المجلس الأعلى للدولة وقال ان ما قم به المجلس يعد “قفزة في الهواء”، واصفا الاستمرارَ في ذلك بـ “الإجراء الأحادي المرفوض وغير القابل للتطبيق” وبأنه “مخالفة جذرية”.
كما دعا في بيان له، مجلسَ النواب، إلى التعاون لإنهاء المرحلة الانتقالية والذهاب للاستفتاء على الدستور وإجراء الانتخابات.
وهذه الخلافات ليست الأولى بين المجلسين فقد شهدت الأشهر الأخيرة جدلا وشدا وجذبا بين هذين المجلسين. ففي التاسع من سبتمبر الماضي أصدر مجلس النواب قانون الانتخابات الرئاسية وبعد 10 أيام، أقر المجلس الأعلى للدولة مقترح قاعدة دستورية وقانونين للانتخابات البرلمانية والرئاسية، أحالهما لمجلس النواب للتصويت عليهما وإقرارهما.
وفي الرابع من أكتوبر الأول الماضي، أصدر مجلس النواب قانون الانتخابات البرلمانية وبعد يوم واحد، أعلن المجلس الأعلى للدولة رفضه ما وصفه بخرق مجلس النواب للاتفاق السياسي، وإقراره للقوانين الانتخابية دون التوافق معه.
باشاغا أم البيباص؟؟؟
وعلى طريق مدجج بالعراقيل تترقب ليبيا اختيار رئيس حكومة جديدة للبلاد.
وعرض المرشّحان المتنافسان على منصب رئاسة الحكومة الليبية الجديدة فتحي باشاغا وخالد البيباص أمام مجلس النواب برنامجيهما، وذلك خلال جلسة عقدها المجلس في مقرّه بمدينة طبرق (شرق)، الاثنين ،وقرّر في ختامها الاجتماع مجدداً، الخميس المقبل، للتصويت على تكليف أحدهما بالمهمّة.
وقدّم 7 مرشّحين أوراقهم إلى مجلس النواب لتولّي رئاسة الحكومة، لكنّ 5 منهم استُبعدوا لعدم انطباق الشروط عليهم، فبقي مرشحان هما باشاغا والبيباص.
فمن منهما سينجح في تولي هذا المنصب؟؟؟
أكد الخبير في الشأن الليبي رافع الطبيب لموقع “الجريدة” أن فتحي باشاغا هو الأقرب لأن يكون على رأس الحكومة الجديدة وقال أن “التمشي الواضح هو وضع باشاغا على رأس الحكومة منذ مدة” وأضاف أن هناك تحالف واتفاق بين باشاغا وكتائبه من جهة ومع الجيش والمشير خليفة حفتر من جهة أخرى لتأسيس حكومة جديدة.
واعتبر الطبيب أن هناك تعامل فوقي من البرلمان الليبي مع الانتخابات والاستحقاقات وإعادة بناء الشرعيات في البلاد ، محذرا من وجود 3 قوى أساسية في مصراته يمكن أن تنفجر صراعاتها في أي لحظة، وهي قوة الرأس مال ورجال الأعمال ويمثلها رئيس الحكومة الحالي عبد الحميد دبيبة الذي يمر بموقف صعب جدا اذ تم توليه رئاسة الحكومة منذ سنوات لإجراء انتخابات لكنه فشل في إجرائها وهو اليوم يرفض التنحي عن المنصب متعللا بضرورة ترك الحكم الا بعد القيام بانتخابات، حسب تعبيره.
أما القوة الثانية فهي قوة المجموعات والكتائب المسلحة والتي يمثلها فتحي باشاغا.
والقوة الثالثة فهي قوة الإسلاميين.
ومن جهة أخرى توقع سياسيون ليبيون أيضا فوز المرشح فتحي باشاغا بهذا المنصب.
ويبدو الرجل القويّ في مصراتة وفي الغرب الليبي، فتحي باشاغا في طريق مفتوح للعودة للسلطة من جديد، خاصة أنه يوصف بالمرشح التوافقي الذي يحوز على تأييد الشرق والجنوب، بعد تقاربه مع القيادة العامّة للجيش وتحالفه مع رئيس البرلمان عقيلة صالح في انتخابات ملتقى الحوار السياسي التي فاز بها عبد الحميد الدبيبة.
كما يرتبط بعلاقات جيدة مع القاهرة التي زارها أكثر من مرة ومع عواصم دول غربية، إلى جانب امتلاكه قوّة ونفوذا واسعا على الأرض في مدينته.
وحظي خلال فترة توليه منصب وزير الداخلية من 2018 إلى مطلع 2021، بدعم شعبي متصاعد، خصوصا بسبب مواقفه المناهضة للمجموعات المسلحة، ومحاولاته المتكررة للحد من نفوذها ودعواته لتفكيك هذه المجموعات ودمجها.
فوسط هذا المشهد السياسي الشائك والميداني المعقد يتقدم باشاغ بهدوء نحو المنصب.
وويفسر البعض حظوظ باشاغا الأوفر من منافسه بأن الرجل تصدر المشهد السياسي في ليبيا كشخصية جامعة، من حيث جرأته على تجاوز مخلفات عشر سنوات من غبار الحرب والكراهية.
ذلك أنه في الحادي والعشرين من ديسمبر الماضي وصل إلى بنغازي في أول زيارة إلى المدينة منذ عشر سنوات وكانت المصافحة بين باشاغا وحفتر بمثابة فتح ثغرة في جدار الأزمة المستفحلة منذ 2011،في البلاد لينطلق منها بصيص ضوء في اتجاه توضيح معالم الطريق بما يساعد على طي صفحة الماضي والتأسيس لمرحلة جديدة من الوفاق والمصالحة في ليبيا..
وأعلن باشاغا على اثر هذا اللقاء أن “المصالحة الوطنية الجامعة فوق كل اعتبار، وأن المصالحة الوطنية خيار وطني جامع لا تراجع عنه”.
فليبيا تشهد منذ سقوط نظام العقيد معمر القذافي الذي تربّع على عرش السلطة أكثر من أربعة عقود، صراعا بين الشرق والغرب وحان الوقت لطي هذه الصفحة والتصالح والتوحد.
فهل يكون رئيس الحكومة الليبية المقبل رجل الخلاص والبناء الليبي؟؟
كل المؤشرات و اقدامه على القيام بالمصالحة مع رجل الجيش القوي خليفة حفار و الحكيم، رئيس البرلمان عقيلة صالح، تشير الى قدرة باش اغا في ارساء مرحلة جديدة مختلفة على سنوات الحرب و التقاتل الداخلي. الايام المقبلة و حدها قادرة على تاكيد او تفنيد هاته التحاليل