يحكى فى الأثر أن رجلا قدم للمعتصم، قال له “يا أمير المؤمنين كنت بعمورية فرأيت امرأة عربية فى السوق مهيبة جليلة تسحل إلى السجن فصاحت فى لهفة “وامعتصماه وامعتصماه”، فأرسل المعتصم رسالة إلى أمير عمورية قائلا، من أمير المؤمنين إلى كلب الروم أخرج المرأة من السجن وإلا أتيتك بجيش بدايته عندك ونهايته عندى، فلم يستجب الأمير الرومى وانطلق المعتصم بجيشه ليستعد لمحاصرة عمورية فمضى إليها”.
إستفاق العالم العربي اليوم على خبر نزل عليه كصاعقة البرق ، خبر إستشهاد الشاهدة و الشهيدة ، الشاهدة على ظلم و فجر جيش الإحتلال الصهيوني و شهيدة الإنسانية و الكلمة الحرة شيرين أبو عاقلة ، كالعادة كان الرد الرسمي العربي خاذلا لارادة الشعوب ففي أحسن الأحوال كان الموقف بيان بكلمات رنانة تدين عملية الإغتيال فحكام العرب ليس فيهم اليوم “المعتصم” وهذه المرأة الشجاعة التي عرت بكلماتها نظام مجرمي العصر الذين استباحوا الدماء ليست هي المرأة التي صرخت “واه معتصماه” و لا جيوش العرب جاهزة لتنصب مدافعها لأجل دم إمرأة ، فالموت أصبح أمرًا عاديا و خبر تداوله الصحف و التلفيزيونات لندينه ثم نمر لحالة إستشهاد طفل أخر أو مسن أو هدم بيت أرملة فوق رؤوس أبناءها ، حتى فصائل المقاومة التي هددت منذ أيام الكيان الغاصب بحرب نوعية إذا مس الأذى رئيس حماس بغزة وقفت صامتة كأن ترسانتها العسكرية و صواريخها لا تنطلق الا لأجل فئة معينة ، و كأن للقضية خطوط فرز فالحمساوي يدافع عن الحمساوي و الفتحاوي يدافع عن الفتحاوي و الجبهاوي يدافع عن الجبهاوي و ليس لهؤلاء الفلسطينيين الأبرياء من يحمل عنهم الالم و ينتصر لهم كما إنتصر المعتصم لتلك المرأة الضعيفة.
شيرين أبو عاقلة ليست الشهيدة الأولى و لن تكون الأخيرة ، مدام الموقف العربي مشتت و الفصائل منعزلة و متقوقعة حول ذاتها و تنظيماتها و القضية لن تنتصر الا بقضية و الأرض لن تعود و الأقصى لن يطهر مادام جمعنا في شتات و حكامنا مهمومون بالحفاظ على مقاعدهم الواهية التي تشبه بيت العنكبوت .سأختم بقولة للشهيدة شيرين أبو عاقلة إثر انتهاك الصهاينة للمسجد الأقصى حيث قالت “ليس من السهل أن أغير واقعا ، لكن كنت قادرة على إيصال ذلك الصوت إلى العالم” . فههي كلمات الأخيرة تخط بدمك النقي لينزل على كل أنظمة العالم و يزيد عارها و يعري عهرها.
رحمك الله شيرين أبو عاقلة.