نزيهة التواتي حمزة
ساعات بعد اندلاع الحرب بين الدب الروسي بطم طميمه ودولة أوكرانيا أعلن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، إن قطاع المحروقات في بلاده مستعد للمساهمة في أمن الطاقة لشركائه من الدول عبر تأمين الإمدادات وخاصة الغاز الطبيعي.
وأضاف تبون في كلمة قرأها نيابة عنه رئيس الوزراء أيمن بن عبد الرحمن، خلال احتفالية في حاسي مسعود (جنوب) أكبر مدينة نفطية في البلاد، “لقد برهن قطاع المحروقات عن استعداده للمساهمة في أمن الطاقة لشركائنا من الدول، وهذا عبر تأمين الإمدادات وخاصة الغاز الطبيعي”.فالرئيس الجزائري توقع كغيره أن تبسط الحرب القائمة بين روسيا وأوكرانيا تأثيراتها على عدد من الدول العربية ، رغم البُعد الجغرافي، فأراد ، حسب المتابعين، أن يكون في صف الرابحين من هذه الحرب.
وهذه الحرب التي أعلن اندلاعها الرئيس الروسي فلادمير بوتين فجر أمس الخميس 24 فيفري 2022، ليست الأولى ضد اوكرانيا لكنها حسب العديد من الخبراء هي ”أم المعارك”، كما وصفها الأستاذ في الإقتصاد والعضو السابق في مجلس إدارة البنك المركزي فتحي النوري باعتبار انها بين الدب السفياتي والديك الفرنسي والحصان الامريكي، وفق توصيفه.
ومن المتوقع أن ستفيد الجزائر من الحرب الروسية- الأوكرانية باعتبار أن روسيا وأوكرانيا من بين الدول الهامة المصدرة للغاز في العالم
فروسيا أبرز مصدري الغاز إلى أوروبا، وتقوم بتصديره إلى الدول الأوروبية عبر عدة مسارات منها أوكرانيا، وهي توفر 40 بالمائة من حاجيات القارة في الغاز.
لكن بعد إعلان بوتين عمليته العسكرية في أوكرانيا، فاٍن الولايات المتحدة وحلفائها لوحت بفرض عقوبات “شاملة” على روسيا، بحسب شبكة سي إن إن
وكانت الولايات المتحدة وأوروبا قد أعلنت، يوم الثلاثاء، عن عقوبات شملت تعليق ألمانيا المصادقة على تشغيل خط أنابيب الغاز “نورد ستريم 2” مع روسيا والذي كان سيضاعف كميات الغاز التي تصدرها موسكو لبرلين.
وإذا ما فُرضت عقوبات على روسيا من طرف مجلس الأمن الدولي، فإن صادرات روسيا من الغاز ستنخفض وستبحث الدول الغربية عن البديل
الجزائر.. قوى عظمى صاعدة
وحسب تحليل نشرته وكالة بلومبرغ الأمريكية، فإن الجزائر في مقدمة الدول التي يمكن الاعتماد عليها لتزويد أوروبا بالغاز في فترة الحرب بين روسيا وأوكرانيا لتعويض النقص.
وترتبط الجزائر بالقارة الأوروبية عبر ثلاثة أنابيب لنقل الغاز من حقل حاسي الرمل الضخم جنوبي البلاد، ومكامن أخرى.
كما تمتلك الجزائر خطوط أنابيب لنقل الغاز عبر البحر الأبيض المتوسط إلى إسبانيا وإيطاليا بالإضافة إلى محطة للغاز الطبيعي المسال.
وحسب أسامة كمال وزير البترول المصري السابق، في تصريحات إعلامية، فاٍن الجزائر هي أكثر دول منطقة الشرق الأوسط والشمال الأفريقي قدرةً على تغطية جزء من واردات أوروبا عبر زيادة صادراتها “بالنظر إلى إمكانية زيادة الإنتاج مقابل الاستهلاك”.
وتستطيع الجزائر أن توفر 7 مليار متر مكعب إضافية من الغاز إلى أوروبا خلال عام 2022 عن طريق زيادة التدفقات عبر خط الأنابيب إلى إيطاليا، ما يجعلها ثاني أكبر مصادر زيادة الإمدادات للاتحاد الأوروبي بعد النرويج، بحسب تقرير صدر في 28 جانفي عن وحدة التحليل في S&P Global Platts.
فالرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بكل ثقة يمد يده لأوروبا ليغطي نقص العملاق السوفياتي معلنا أن الجزائر بصدد استعادة مكانتها ك”قوة عظمى” في المتوسط وإفريقيا، وهي رؤية طموحة وتاريخية كما وصفها الباحث المختص في المتوسط، ورئيس معهد الاستشراف الاقتصادي في منطقة المتوسط الفرنسي لوي غيغو، الذي أكد أن “الجزائر في مفترق الطرق”
تونس.. وأزمة القمح والسميد
تونس أيضا ليست بمنأى عن هذه الحرب فتأثيراتها سترمي بضلالها شئنا أم أبينا ، خاصة وأنها من الدول المورّدة أساسا، ذلك إن الحرب الروسية الأوكرانية سيكون لها تأثيرا كبيرا على إرتفاع الأسعار العالمية، حسب الخبراء في المجال الاقتصادي وهو ما سيؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد الوطني.
وكما أكد الأستاذ في الإقتصاد والعضو السابق في مجلس إدارة البنك المركزي فتحي النوري فاٍنه في ظل دق طبول الحرب فان “الخطر الداهم هو إرتفاع الأسعار العالمية للمواد الأولية خاصة منها القمح والغاز والنفط”، مشددا أن الاشكال سيكون في الإمدادات إذا تواصلت الحرب وتعطلت عملية النقل للمواد الأولية.
وبلادنا تشهد السنوات الأخيرة توجها نحو التوريد من أسواق محددة إذ تستورد تونس نحو 80 % من القمح من منطقة البحر الأسود وأساسا روسيا وأوكرانيا وبدرجة اقل تستورد أيضا من فرنسا وبلغاريا، ويرى البعض أن تونس تعد أكثر عرضة لصدمات أسعار الغذاء الدائمه.
وحسب تقرير لمجلة «فورين بوليسي» فاٍن النزاع بين أوكرانيا وروسيا يؤثر في عملية تأمين القمح للبلدان العربية ،ورجح تقرير لمجلة «فورين بوليسي» أن تشهد البلدان العربية المستهلكة للقمح ارتفاعا في أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل الخبز والسميد.
وتستهلك تونس مقارنة بدول شبيهة من البلدان العربية، الجزء الأكبر من القمح. حيث أن إجمالي استهلاك السعرات الحرارية 48 % من إجمالي السعرات الحرارية من القمح.
ومن جهته، توقع أستاذ الاقتصاد في الجامعة التونسية، رضا شكندالي، أن ” الأزمة الروسية – الأوكرانية ستتسبب في ارتفاع أسعار المواد الأساسية والنفط، بما سيؤثر بشكل كبير في ارتفاع كلفة الدعم في تونس، ويعمق قيمة العجز في موازنة الدولة التونسية لسنة 2022″. ويشير إلى أن “الميزانية التونسية أُعدّت على فرضية 75 دولاراً لسعر برميل النفط،”، بينما ناهز سعره اليوم عتبة 105 دولاراً.
وحسب الأستاذ في الإقتصاد والعضو السابق في مجلس إدارة البنك المركزي فتحي النوري فاٍن الحل لتجاوز هذه الأزمة هو عقد لجنة يقظة ومتابعة لمراقبة الوضع العالمي