نزيهة التواتي حمزة
شهداء بالالاف وجرحى بالالاف سقطوا في غارات اسرائيل العدوانية على قطاع غزة، لم يشفوا غليل الكيان الصهيوني الغاصب والغاضب والهائج ضد قوات المقوامة حماس التي أطلقت عملية طوفان الأقصى يوم 7 أكتوبر 2023 واستهدفت من خلالها مواقع عسكرية في جنوب إسرائيل .
عملية أهانت الاحتلال واحرجت حكومته التي اطلقت عملية ”السيوف الحديدية” يوم 8 أكتوبر 2023 ضد كل غزة مدعية أنها تطارد عناصر حماس فيها.
لكن أمام أنظار كل العالم تشن اسرائيل حرب ابادة ضد كل المواطنين في غزة وبمباركة الأنظمة الغربية وصمت بعض الأنظمة العربية.
فبعد الرئيس الأمريكي جون بايدن الذي أعلن صراحة خلال زيارته الى الأراضي المحتلة دعمه الكامل لاسرائيل وتشديده على أن يكون الردّ الإسرائيلي حاسمًا ضد حماس، متغافلا عن المجازر التي ترتكبها اسرائيل ضد المدنيين الفلسطينيين، يعبر اليوم الثلاثاء 24 اكتوبر 2023 الرئيس الفرنسي ماكرون عن مساندته للكيان رغم سقوط 5791 شهيدا الى حدود يوم زيارته للمنطقة .
وينادي بضرورة محاربة “الارهابيين” الذين يهددونهم في كل مكان، حسب تعبيره.
تصريحات ومواقف كشفت عن ازدواجية فاضحة في تطبيق معايير حقوق الإنسان من جانب الحكومات الغربية والمنظمات الحقوقية الكبرى.
وأكدت أن الحرب بين الاحتلال الصهيوني وحركة المقاومة حماس عمادها الأول “الكذب”.
أنظمة كاذبة تزييف الحقائق
جرّمت كل المعتقدات والمقدسات الكذب الذي يعرَف بأنه ” تزييف للحقائق جزئيا أو كليا أو خلق روايات وأحداث بنية الخداع”، فقد اتفقت اليهودية والمسيحية والاسلام وغيرها من المعتقدات على أنه خطيئة ومحرَم.
فالكذب في اليهودية والمسيحية يعتبر محرماً، حيث يذكر العهد القديم «لاَ تَسْرِقْ، وَلاَ تَكْذِبْ، وَلاَ تَغْدُرْ بِصَاحِبِكَ،» و«وَهَذَا مَا عَلَيْكُمْ أَنْ تَفْعَلُوهُ: لاَ تَكْذِبُوا بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَاحْكُمُوا فِي سَاحَاتِ قَضَائِكُمْ بِالْعَدْلِ وَأَحْكَامِ السَّلاَمِ.».
وهو في الاسلام يدخل صاحبه النار حسب قول الرسول محمد صلى الله عليه وسلم:” إن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار”.
لكن يبدو أن السياسة أحلَت الكذب وتزييف الحقائق فقد ضربت كل الأنظمة والدول تعاليم هذه المقدسات عرض الحائط وأصبحت “البراقماتية” ومقولة “الغاية تبرر الوسيلة” هي شريعتهم البديلة.
فقد أمعنت هذه الأنظمة وخاصة الغربية في الكذب وتزييف الحقائق التاريخية والواقعية ، والغريب أنهم يتعمدون استبلاه نظيرتها من الأنظمة العربية الخانعة التي تردد مفاهيم اختارها الغرب بخبث ودهاء وتعتمدها في مواقفها، ذلك أن ابرز هذه الأكاذيب هو التجاوز عن أصل الأزمة الحالية وجذورها التاريخية المتمثلة في استمرار الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني للأراضي الفلسطينية وتقويضه المستمر لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، واعتبار المقاومة تنظيما ارهابيا لا عناصر تقاوم المحتل الغاصب لاراضيها وهو حقها الذي يضمنه قانونهم الدولي.
كذلك التغافل عن العدوان إسرائيل على الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وغزة وبناء المستوطنات غير القانونية والمبالغة في استخدام وسائل الفصل العنصري الى جانب الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على المقدسات العربية في القدس الشرقية.
الى جانب الصمت الأوروبي والأمريكي التام على قيام إسرائيل بقصف وتدمير البنى التحتية وقطع كافة خطوط الإمداد بالخدمات الإغاثية واستهداف المنشآت الطبية ومرافق مياه الشرب وإحكام الحصار على قطاع غزة
فرغم سقوط مئات الشهداء والجرحى يوميا تأتي ردود الفعل السياسية في معظمها مناقضة لمعايير حقوق الإنسان ومبررة للعدوان الإسرائيلي ومشجعة لارتكاب مزيد من الانتهاكات الأمر الذي يعتبر تشجيعا لإسرائيل على ارتكاب المزيد من الجرائم وانتهاكات حقوق الإنسان ضد المدنيين العزل.
فقد تسمت المواقف الحكومية المعلنة للدول الغربية بقدر كبير من المغالطة .
دول أوروبية راعية لحقوق الانسان تضيّق على المتضامنين مع فلسطين وتسمح بتأييد إسرائيل
ويواجه المتضامنون مع فلسطين في عدد من الدول الأوروبية ”الراعية لحقوق الانسان”قيودا وحظرا وتدخلا من قبل قوى الأمن والسلطات لمنع التظاهرات والمسيرات، وصل إلى حد حصول اعتقالات وإيقافات.
وبينما لا توجد أي قيود أو حظر على المظاهرات المؤيدة لإسرائيل، نُظمت المظاهرات المؤيدة لفلسطين في ظل حراسة مشددة من الشرطة وتدخل عنيف من قبلها.
واستخدمت قوى الشرطة في عدد من الدول على غرار بريطانيا وألمانيا وهولاندا وفرنسا الغاز المدمع، مع إطلاق تحذيرات لمن يخرج عن المسارات المحددة للتظاهر بأنهم سيتعرضون للإيقاف.
انتشار فيديوهات مضللة وصور مفبركة
ورافقت عملية طوفان الأقصى كما كبيرا من الأخبار المضللة والكاذبة على مواقع التواصل الاجتماعي، الأمر الذي انعكس سلبا على فهم حقيقة ما يجري على الميدان.
هذا الى جانب انتشار واسع لمعلومات وفيديوهات مضللة وصور مفبركة على مواقع التواصل الاجتماعي ترافقت عملية طوفان الأقصى التي أطلقتها حركة حماس فقد رصد موقع “مسبار” لمكافحة الشائعات والأخبار الكاذبة، العديد من الفيديوهات التي تم الترويج لها على السوشيال ميديا وتنسب إلى العملية العسكرية الجارية، وكشف الموقع أنها إما قديمة وإما أنها وقعت في مناطق أخرى تشهد نزاعات.
فالمصيبة الكبيرة أن الكذب وتغيير الوقائع وتزييف الحقائق الذي أصبح من أدوات السياسة المعاصرة هو الوسيلة الأبرز لادارة هذه الحرب بين المحتل الغاصب وبين المقاومة الصامدة.
والكذب هذه الصفة المرذولة, المقترنة بصفات أخرى مرذولة, مثل الجبن, والبخل وقلة الحياء, وانعدام الضمير, وفقر المروء وهي إحدى صفات السياسي أو النظام الذي يخادع, ويحمل أكثر من وجه, ومن اجل شيء من الغموض الذي يغطي عقدة النقص و الفارغ عنده، هي التي تقود العالم وتشكله.
المجد للمقاومة
لكن يرى البعض أن كذب الأنظمة الغربية أصبح مفضوحا أمام رعاياهم فقد امتلأت شوارع عواصم دول العالم الغربية والعربية بالمتظاهرين الحاملين للعلم الفلسطيني رغم القمع الأمني والهاتفين بغزة وفلسطين وبحق الشعب الفسطيني في الحياة وفي تقرير مصيره.
مظاهرات يعتبرها البعض استفاقة لشعوب العالم وتحرك للانسانية بعد المجازر الشنيعة التي ترتكبها اسرائيل يوميا بمباركة حكوماتهم وهي ما زادت في أزمة الكيان الصهيوني وزاد من اضطرابه وهيجانه ضد أصحاب الأرض .
فهو كيان محتل يدرك جيدا أن “حبل الكذب والمخاتلة والخداع قصير وإنّ غدا لناظره لقريب”.