تحتفي تونس اليوم، الجمعة 14 جانفي 2022، بالذكرى الحادية عشر لاندلاع الثورة التي انتهت بفرار الرئيس السابق الراحل زين العابدين بن علي بعد موجة من الاحتجاجات والمظاهرات التي جابت مختلف ولايات الجمهورية والتي نادت بالحرية والديمقراطية.
ثورة الياسمين كما وقع تسميتها، كانت أنذاك تمرّد من الشعب على سنوات من الدكتاتورية والفساد والظلم والاستبداد، ثورة مهّدت الطريق لبقية الدول العربية كي تنتفض وتطالب بالتغيير.. لكن بعد مرور 11 سنة هل نجحت تونس في أن تكون مثالا يحتذى به؟ هل حقّق الثوار مطالبهم على أرض الواقع؟
عديدة هي التساؤلات التي تطرح سواء من معارضي بن علي أو أنصاره، ولعلّ الإجابات ستكون متقاربة وهناك شبه اجماع حولها.. تونس تعيش اليوم أزمات غير مسبوقة على جميع الأصعدة خاصة الاقتصادية منها، فأصبحت تتسوّل من الدول ومن صندوق النقد الدولي، تونس التي كانت ذات صيت وسيادة تتأرجح اليوم بين الديون والعجز في الميزانية وبين هروب المستثمرين إلى دول مجاورة على غرار المغرب، وضعية كارثية لم نشهدها طيلة فترة حكم بن علي..
أمّا على الصعيد الاجتماعي، فنسبة البطالة التي ترتفع كلّ سنة كفيلة بأن تؤكّد عجز الدولة عن خلق مواطن شغل للشباب العاطل عن العمل منذ سنوات ممّا جعل من الطبقة الفقيرة والمتوسّطة في طريقها الى الاندثار أمام غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار وتدهور القدرة الشرائية للمواطن العادي مع ظهور مفهوم ‘الاحتكار’ والتجارة الموازية.
وضعية مخزية ساهمت في ارتفاع نسبة الانتحار ومعدّل الجريمة وأعداد المهاجرين غير الشرعيين الذين اختاروا الموت غرقا عن الموت جوعا في بلدهم الأمّ.
ثورة 14 جانفي التي أرست مفاهيم جديدة كالتعددية الحزبية و حرية الاعلام والمساواة في الميراث والانتخابات النزيهة والشفافة، أسّست في المقابل مشهدا حالكا وغوغائيا على جميع المستويات كالانفلات الأمني وارتفاع نسبة ‘البراكاجات’ والاغتصاب وجرائم القتل، جعلت النقابيين يتمرّدون ويضربون ويعتصمون على مدار السنة بغضّ النظر إذا كانت مطالبهم مشروعة أم لا، جعلت من عصابات وأزلام وإرهابيين نوّابا يرتعون في مجلس جلّه تهريج وتقزيم لتونس وصورتها أمام العالم، ثورة جعلت كلّ من هبّ ودبّ يحلّل ويناقش في قضايا حساسة في كل الإذاعات والشاشات ليصبح المشهد الإعلامي أشبه بالمستنقع.
شغل حرية كرامة وطنية .. تلك العبارات التي كانت شعار المحتجين في أوج الثورة لم تكن عبارات تردّد فقط، كانت بصيص الأمل الذي اضمحّل اليوم رويدا رويدا ليتحوّل إلى خيبة جعلت الكثيرين يراودهم حنين لحقبة حكم بن علي، حقبة كان فيها المواطن قادرا على توفير قوت عائلته، حقبة لم تشهد إضرابات تثقل أعباء الميزانية، حقبة كانت فيها المرأة آمنة داخل منزلها أو خارجه.
نداء أخير إلى رئيس الجهورية ومسيّري الدولة: استفيقوا قبل فوات الأوان .. استفيقوا قبل أن تردّدوا ”يا ريت اللي جرى ما كان” فالشعب لن يستلم لمصير مجهول وسينتفض من جديد ويثور على قرارات اعتباطية وغير مدروسة.
أميرة الشارني