أدّت وزيرة الشؤون الثقافية الدكتورة حياة قطاط القرمازي زيارةً للموقعين الأثريين “المديْنة” و”بوقرنين” بمنطقة بن قردان لمعاينة وضعيتهما الحالية وللنظر في سبل تثمينهما والمحافظة عليهما من كل أشكال الحفر العشوائي.
واستمعت الوزيرة إلى مختلف مشاغل أهالي بن قردان الثقافية ومقترحاتهم العملية لتثمين الموقعين الأثريين وسبل جعلهما مصدرا مهما للاستثمار ومنوالا تنمويا متميزا للجهة.
وزيرة الشؤون الثقافية أكدت أن زيارة هذين الموقعين كشفت عن وجه آخر للثروات الطبيعية الكامنة في منطقة بن قردان والتي تترجم تاريخا وحضارةً تعكس الحراك التجاري والتبادلي القديم الهام.
وشدّدت الوزيرة على ضرورة تكاتف كل المجهودات الوطنية لبناء شراكة حقيقية مع المستثمرين الشبان والفاعلين في الحقل الثقافي ومكونات المجتمع المدني بولاية مدنين لوضع برمجة تنموية ترتكز على رؤية متجددة تأخذ بعين الاعتبار هذه الإمكانيات والثروات المتاحة لتطوير السياحة الثقافية وجعل منطقة بن قردان مستقبلا قطبا ثقافيا وسياحيا وبيئيا.
وسعيا إلى تكريس مبدأ العمل الأفقي بين الإدارات المركزية والهياكل العمومية وتعزيز أواصر الشراكة بينهما، دعت السيدة الوزيرة ممثل المعهد الوطني للتراث بولاية مدنين إلى التنسيق مع ممثل ديوان قيس الأراضي والمسح العقاري بالجهة لتوقيع اتفاقية إطارية تهدف إلى تطوير علاقات التعاون بينهما والنظر في الأطر المتاحة لوضع حدود موقعي “المديْنة” و”بوقرنين” وتسييجهما وحفظها من الحفر العشوائي.
وتؤكد المصادر التاريخية أنّ موقعيْ “المديْنة” Zouchis و”بوقرنين”Villa Magna أو Villa Privata هما جزء من سلسلة من المواقع الأثرية القديمة تحيط ببحيرة “البيبان” نذكر منها “الناعورة” و”سيدي حمد الشاوش” وغيرهما.
هذه السلسلة من المواقع، التي تتواصل إلى غاية محافظة الإسكندرية بجمهورية مصر العربية، كانت معروفة سابقا بإنتاج نوعية ممتازة من الأسماك نظرا لدرجة ارتفاع ملوحة البحيرة من جهة، ووجود مجموعة من السباخ على غرار “المنيخة” و”العذيبات” من جهة أخرى.
وحسب “Starbon” (القرن الأول ميلادي) و”Pseudoscylax” القرن الرابع ميلادي) فإنّ موقع “المديْنة” كان يُعرف سابقا بإنتاج السمك المجفف والصباغة المستخرجة من أصداف الارجوان، فيما تكمن الأهمية التاريخية للموقع الأثري “بوقرنين” في اعتمادهم على الاقتصاد البحري من خلال استغلالهم قديما للمنتوجات البحرية.
ويُذكر أن موقع “بوقرنين” ببن قردان يحتوي على بقايا رصيف مينائي بحري وهو ما يؤكد وجود علاقات تجارية قديمة على المستويين الجهوي والمتوسطي، فيما يحتوي موقع “المديْنة” على مجموعة من الأفران المنتجة للآجر المشوي والجرار التريبوليتانية.