لا تزال روح الطفل ريان أورام، بعد أيام من مواراته الثرى، تجوب العالم بمبادرات ومواقف اختار أصحابها أن تقام ترحما على روح الطفل المغربي.
ريان ذو السنوات الخمس، والذي كان حديث العالم خلال الأسبوع الماضي عقب سقوطه عرَضًا في بئر ذات قطر ضيقة يصعب النزول فيها في قرية بمنطقة “باب برد” قرب مدينة شفشاون (شمال)، لا يزال بعد وفاته محط اهتمام كثيرين ممن اختاروا أن يخلدوا ذكراه.
مبادرات ومواقف تخطت، كما قصة ريان، حدود المغرب إلى دول عدة حول العالم.
** لمسة دفء
عقب حالة من التعاطف التي اجتاحت المغرب مع قصة ريان، وحالة الحزن العارم التي تلتها بعد وفاة الطفل المغربي داخل البئر، اختار عدد من الشباب المغاربة أن يعبروا عن هذا التعاطف بإطلاق حملة خيرية لإعانة الأسر الفقيرة.
مجموعة شبابية في بلدة “البهاليل”، في نواحي مدينة فاس (شمال)، أطلقت عقب وفاة “طفل البئر” مبادرة سمّتها “لمسة دفء” على روح ريان.
واستهدفت الحملة توزيع عشرات الأغطية والملابس الشتوية، والتي طبع المنظمون على أغلفتها صور للطفل المغربي الراحل.
ولقيت الحملة ترحيبا وتشجيعا كبيرين من رواد مواقع التواصل الاجتماعي في البلاد
** مسجد ريان
الممثلة المغربية مريم حسين نشرت، عقب إعلان إخراج الطفل المغربي متوفيا من البئر، مقطع فيديو على صفحتها بموقع “سناب شات” أعلنت فيه عزمها بناء مسجد باسم الطفل المغربي.
وقالت الممثلة المغربية، خلال الفيديو، إنها ستعمل هي وأسرتها قريبا على بناء المسجد في المنطقة التي توفي فيها الطفل المغربي.
وأوضحت حسين، المقيمة في الإمارات، أنها إما ان تسافر قريبا إلى المغرب من أجل بناء المسجد، أو أن تكلف أحدا ببنائه في حال تعذر سفرها.
** توزيع للطعام
ولم تقتصر الحملات والمبادرات الخيرية، التي نظمها أصحابها إحياءً لذكرى الطفل ريان، على حدود المغرب، بل تعدتها إلى عدد من الدول العربية.
وتزامنا مع تشييع الطفل الاثنين، قام عدد من الشباب الأردنيين في العاصمة عمان بتوزيع “المنسف” (أكلة شعبية أردنية) على روح ريان. ورفع المنظمون أثناء توزيع الطعام لافتة طبعت عليها صورته كتب عليها: “سبيل لله تعالى عن روح المرحوم الطفل المغربي ريان”.
وفي تونس، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صور لتوزيع الخبز مجانا عن روح ريان. وأظهرت الصور لافتة كتب عليها: “الخبز اليوم بلاش (مجانا) على رحمة ريان المغربي”.
وغير بعيد عن المغرب، أظهرت صور مشهدا مشابها في مدينة تلمسان الجزائرية (شمال غرب) لبسطة خبر كتب عليها: “خبز باطل (مجانا) على المرحوم ريان”.
** ريان مولود جديد
وفي الوقت الذي فقد المغرب الطفل ريان، اختارت أسر عربية عدة أن تخلد ذكرى الطفل المغربي بإطلاق اسمه على مواليدهم الجدد.
وسائل إعلام فلسطينية نشرت صورا لشهادة ميلاد طفل فلسطيني يدعى “ريان سليم” من مدينة خان يونس (وسط غرب) أطلق عليه اسم ريان تيمنا بالطفل المغربي.
وأظهرت صور أخرى الرضيع الفلسطيني بجانب صورة للطفل المغربي الراحل.
وفي فلسطين أيضا، أطلق شاب من مدينة رام الله يدعى حمزة منصور اسم ريان على مولوده الذي رزق به الاثنين، بحسب ما نشر ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي.
وغير بعيد في مدينة الرملة بالداخل الفلسطيني، اختار الشاب عماد أبو صويص كذلك تسمية ابنه “ريان” تخليدا لطفل المغرب.
وعلى حسابه في موقع “تويتر”، أعلن المغني الفلسطيني الشاب محمد عساف، الاثنين، إطلاق اسم ريان على مولوده الجديد.
** بئر خيري
ولم تقتصر المبادرات الخيرية، والمواقف المخلدة لذكرى طفل المغرب على الدول العربية، إذ أظهرت صور ومقاطع فيديو بثها نشطاء على صفحات التواصل الاجتماعي حفر بئر في دولة نيبال عن روح الطفل ريان.
وظهر في مقاطع الفيديو قيام أطفال قرب البئر برفع صور ريان إلى جانب لافتة كتب عليها: “بئر ريان”.
** صلاة الغائب
وفجر الأحد، أقام فلسطينيون صلاة الغائب على الطفل المغربي ريان في المسجد الأقصى المبارك.
وفي قطاع غزة أظهرت صور ومقاطع فيديو، بثتها وسائل إعلام وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، قيام عدد من المدارس بأداء صلاة الغائب على ريان.
وأظهرت الصور رفع الطلبة عقب الصلاة صورا للطفل المغربي.
والاثنين، شَّيع آلاف المغاربة، جثمان الطفل ريان (5 سنوات)، الذي توفي إثر بقائه عالقا أكثر من 100 ساعة في بئر سقط فيه.
وكان ريان سقط في أول فبراير/ شباط الجاري في بئر جاف يبلغ عمقه 32 متراً بقريته شمال المغرب.
وحاول متطوعون من أبناء القرية وفرق الإنقاذ في البداية النزول إلى البئر لانتشال ريان، لكن قطرها الضيق (الذي لا يتجاوز 40 سنتمترا) حال دون ذلك، ثم هرعت فرق الإنقاذ والجهات المعنية لانتشاله في عملية معقدة، وتمكنت من إخراجه متوفيًا مساء السبت.
وكانت قضية ريان عرفت متابعة كبيرة داخل البلاد وخارجها.